Popular Posts

Wednesday, May 4, 2011

رد على مقال للدكتور نزار حيدر حول الدعوة لإنتخابات جديدة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عزيزي الدكتور نزار.
تحية طيبة.
أود أن أكتب بعض الكلمات عسى أن تنفس عن غضبي ووتعبِّر عن مشاركتي شعوركم وإحساساتكم بالإحباط من العملية السياسية الجارية الآن. وسأرسله لأصدقائي ومعارفي مع كتابكم المرفق.
أنت تتحدث عن:
1.         نواب نزيهين يدعون لإنتخابات مبكرة!!!
2.         الإبتعاد عن الحزبية الضيقة!!!
3.         عمل قانون إنتخابات وآخر للأحزاب جديدين!!!
4.         الخروج من الفيتو والمحاصصات!!!
5.         من تعتقد من النواب الحاليين الذين يؤمن بالخلود والوطنية الحقَّة؟؟ أم إنهم يهتمون للرواتب والمخصصات وجوازات السفر الدبلوماسية؟؟؟ واللغف من مكاسب غير شرعية الوزارات ومشاريعها الواسطات ومقاوليها والعقود وموزعيها؟؟؟
6.         أخي أكبر إهانة للشعب العراقي ولدستوره هو وجود بعثيون في كل مكان في قمة الدولة الحالية و رئاسة الوزارة (المطلق- سكرتير ساجدة طلفاح أحسن مثال سيئ) وقد نادينا مرارا بتحريم الفكر القومي والبعثي لإنه فكر عنصري لا يعترف بالآخرين (شوفيني وفاشي) مثلما حُرِّم الفكر الفاشي وما يزال يُحارب في أوربا وأمريكا واليابان لغاية الوقت الحاضر وكذلك يدعوا ديننا بالأساس للعامل مع القوميات بالسواء (خيركم عند الله أتقاكم .. ولافضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) خاصة وإن الدستور ينص عليها صراحة!!! فأين التطبيق؟؟؟
7.         كيف تنسى يا أخي إن تمويل حزب البعث المقبور ممول من أموال الشعب العراقي المنهوبة ولا يزال!!! فهلا سأل أحد عن ال5% من دخل العراق من النفط منذ عام 1970 ولغاية سقوط البعثفاشية.. ,اين هي الأموال الآن؟؟؟
8.         أين أموال المصارف التي إستولى عليها النظام يوم الهروب من بغداد؟؟
9.         نعرف الكثير من العراقيين الكحيانين في الخليج الزاهر ويمكن في بلدان أخرى ومنها أمريكا, أصبحوا بين ليلة وضحاها وبقدرة قادر, (بعد أن فطس أولاد بطل الحفرة) يملكون الملايين ويشترون المجمعات السكنية الفاخرة بعد أن كانوا معوزين و حتى إن البعض منهم كان يشكو من الفقر, والآن يسكنون في فلل مليونية ولديهم ألكثير من المرسيدس تنتظر أمام القصور؟؟؟
10.   أخي الفاضل أرجوكم أن تتركوا المرجعيات الدينية لمدارات أمور الدين وعلاقة البشر بالله والعودة للأخلاق الحسنة الحميدة كما دعى لها الأنبياء والرسل والعبادات ونترك السياسة وفن الحيل واللعب على الحبال والقوانين التي تنظم ذلك لرجال السياسة والأحزاب. إن إشراك المرجعيات الدينية (سنة أو شيعة أو أخرى) في السياسة سيسبب آلام كبيرة وفرقة (صار لها 1400 عام ولم تُحل) وانعكست على إخواننا في التراب الوطني سلبا (الأخوة المسيحيون والصابئة واليزيديون وغيرهم من الطوائف العراقية).
11.   أخيرا كيف تريدني أن أقتنع بالصناديق والأصوات وفرزها وقد سرقوا مني صوتي في الإنتخابات الأخيرة!!!! لقد ذهبنا خمسة أصدقاء وقررنا التصويت لنائب معين وصوتنا في مدينة في دولة أجنبية وعند ظهور النتائج كان الشخص الذي إنتخبناه في تلك المدين قد حصل على صفر من الأصوات!!!! أين ذهب صوتنا ؟؟؟ ومن الذي صادره ولمصلحة من؟؟؟ من الذي كان يدير اللعبة والضحك على ذقوننا؟؟؟ ومن أين كانت تدار الكمبيوترات والحواسيب لجمع وفرز الأصوات؟؟؟ ولماذا لم يدققوا بأي صندوق إنتخابي أمام الناس وتحت سمعهم وأبصارهم والتكنولوجيا متوفرة؟؟؟
أخي الفاضل أنت تدعوا الناس للنفخ في قربة مخرومة فمثل هذه الرسائل الحميمية الصادقة والكتب يجب أن توجه للحاكم الفعلي للعراق وليس لهؤلاء القابعين خلف المكاتب الفاخرة في العراق  !!!! وجه هذه الرسالة للسيد أوباما أو مدير الوكالة المركزية للمخابرات الأمريكية ( سي آي أي)  وهم سيتخذون اللازم إن كانت متوفرة لديهم الرغبة ويخبرون الأمم المتحدة أن تجري اللازم بمعرفتهم...
مع تقديري
ليث رؤف حسن.

ما قبل الانتخابات المبكرة
نــــــــــــــــــــزار حيدر

   بفخر، ازعم انني اول من دعوت الى انتخابات نيابية مبكرة كافضل طريق نتجاوز فيه مشاكل العملية السياسية الجديدة الجارية في العراق منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان ولحد الان.
   كان ذلك بعيد تشكيل الحكومة الحالية التي تجمعت اوصالها على اساس المحاصصة الحزبية باضيق معانيها، لدرجة ان افضل وصف يمكن ان نطلقه عليها كونها حكومة احزاب وكيانات بامتياز.
   ولم تكن الدعوة عبثية او لتلهية العراقيين او لقضاء الوقت، ابدا، وانما هي طريقة تلجا اليها الكثير من الشعوب التي تعيش في ظل الانظمة الديمقراطية، عندما تشعر بان حكومتها او برلمانها او حتى السياسيين والزعماء وصلوا الى طريق مسدود، وذلك عندما يكون حاصل الجهد السياسي والتشريعي المبذول على مختلف الاصعدة يساوي صفرا، وهو حال العراق اليوم الذي يدور فيه السياسيون في حلقة مفرغة بلا نتيجة، يختلفون على كل شئ ولا يتفقون على شئ، لدرجة ان العملية السياسية برمتها كادت ان تكون مقفلة ومتجمدة عند نقطة معينة، ما سبب بكل هذا التدهور الامني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والخدمي.
   ولقد تحدث الدستور العراقي عن فكرة الانتخابات النيابية المبكرة في المادة (64) بما نصه:
   اولا؛ يحل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءا على طلب من ثلث اعضائه، او طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
   ثانيا؛ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوما من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء، في هذه الحالة، مستقيلا، ويواصل تصريف الامور اليومية.  
   واليوم، وبعد مرور قرابة خمسة اشهر على تشكيل الحكومة علت اصوات قادة الكتل السياسية تطالب باجراء انتخابات نيابية مبكرة، وان على استحياء او خوف، للخروج من الازمات المتتالية التي تمر على العراق، وهو في احرج ظروفه وادقها.
   ومن اجل ان لا نضحك على انفسنا وان لا نضيع الثمرة المرجوة من الانتخابات المبكرة، ينبغي، قبل ذلك، ان يشرع مجلس النواب العراقي فورا قانونين متلازمين لنفتح الباب على مصراعية امام عملية التغيير والاصلاح المرجوة من كل انتخابات نيابية مبكرة تجري في دول العالم التي تعتمد النظام الديمقراطي، خاصة البرلماني:
   الاول؛ هو قانون الاحزاب، والثاني؛ هو قانون الانتخابات، والا فان نتيجة اية انتخابات نيابية مرتقبة، سواء كانت مبكرة او غير مبكرة، سوف لن تتغير عن اخواتها السابقات، لان قانون الانتخابات الحالي يسمح للقط، اذا ما رمي من عل، ان يسقط على قدميه فقط فلن يصيبه مكروه، ولقد قال العراقيون في امثالهم الشعبية القديمة، عندما لا يتغير شئ مع التكرار (نفس الطاس يا عباس) وهذا ما لا نريده للعراق الجديد بكل تاكيد، فالظروف والمرحلة تتطلب اجراء تغيير حقيقي، من اجل تجاوز مخلفات الديكتاتورية ومرحلة ما بعد اسقاط الطاغية الذليل، والتي سببها الثالوث المشؤوم (الفيتو والمحاصصة والتوافق).
   ان هذين القانونين مهمين جدا لتطوير العملية السياسية برمتها، وهما يستحقان ان يبذل مجلس النواب قصارى جهده ويصرف جل وقته من اجل تشريعهما في اقرب فرصة، فبدلا من ان ينشغل النواب ويقضون وقتهم، الثمين جدا والغالي، لاصدار تشريعات مثل (قانون الحوانيت المدرسية) و (قانون الغابات والمشاجر) وغيرها من القوانين الثانوية، فان عليهم ان ينشغلوا بما تتوقف عليه مصير العملية السياسية، والنظام الديمقراطي، فلا يتركونه الى الربع ساعة الاخيرة، او الى الدقيقة (90) من المباراة، كما يقولون.
   ان امام النواب اليوم فرصة ذهبية ثمينة لانجاز عمل تاريخي يخلدهم، يصحح مسار العملية السياسية ويؤدي الى استقرار البلاد وينهض بالعراقيين الذي عانوا كثيرا لحد الان.
   نعود للحديث عن القانونين التوأمين اللذين يجب ان يشرعهما مجلس النواب فورا قبل التفكير باية انتخابات مبكرة.
   بالنسبة الى القانون الاول (قانون الاحزاب) فان من غير المعقول ان يظل العراق الجديد الذي يقوم نظامه السياسي الديمقراطي على اساس مبدا التداول السلمي للسلطة في اطار التعددية السياسية، الحزبية، ليس من المعقول ان يظل بلا قانون للاحزاب ينظم عملية تشكيلها وعملها.
   واذا عدنا الى الدستور فسيتضح لنا بان كل هذه الاحزاب القائمة حاليا، والتي هي عبارة عن احزاب زمن المعارضة، لا تمتلك اية شرعية دستورية، لانها لم تتاسس على اسس وقواعد دستورية وقانونية واضحة.
   لقد تحدث الدستور العراقي في المادة (39) اولا، عن موضوع تشكيل الاحزاب بما نصه (حرية تاسيس الجمعيات والاحزاب السياسية، او الانضمام اليها، مكفولة، وينظم ذلك بقانون) فيما تحدثت المادة (7) اولا من الدستور عن الاطار العام للتعددية السياسية بما نصه (يحضر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي، او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت اي مسمى كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون).
   في المادتين الدستوريتين المذكورتين اعلاه ينتهي النص بعبارة (وينظم ذلك بقانون) ما يعني ان التعددية الحزبية اليوم في العراق بلا شرعية دستورية، اي انها عارية عن اية مظلة قانونية، ولذلك فان بامكان المواطن العراقي ان يطعن بشرعية كل هذه الاحزاب التي تعمل اليوم في العراق، بما فيها الاحزاب التي تتقاسم السلطة.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان عدم وجود قانون للاحزاب ينفي الجهة القانونية المخولة التي لها السلطة الدستورية في التدقيق في اهداف ومتبنيات الاحزاب لضمان خلو مناهجها وبرامجها الحزبية من المواصفات المذكورة في المادة (7) اعلاه، ليتم حضرها ومنعها من ممارسة نشاطها.
   كما ان عدم وجود قانون للاحزاب ينتهك المادة (39) ثانيا، والتي تنص على انه (لا يجوز اجبار احد على الانضمام الى اي حزب او جمعية او جهة سياسية، او اجباره في الاستمرار في العضوية فيها) لان الدستور الذي كفل حق المواطن، اي مواطن وبلا تمييز، في تاسيس حزب او كيان سياسي، وذلك بنص اولا من المادة المذكورة اعلاه، لا يمكنه اليوم ان يشكل مثل هذا الحزب لغياب قانون الاحزاب، ما يعني انه مجبر اما على الانتماء الى احد الاحزاب الموجودة او يحرم نفسه من الانتماء الى حزب ما اذا لم يقتنع بما هو موجود من الاحزاب السياسية، وفي كلا الحالتين فانه مسلوب الارادة وذلك انتهاك خطير لحقوقه المدنية المنصوص عليها في الدستور.
   لقد نصت المادة الاولى من مسودة قانون الاحزاب المعروضة الان امام مجلس النواب لمناقشتها وتشريعها، والتي تشتمل على (11) فصلا في (60) مادة قانونية، على ان الهدف من القانون هو:
   اولا؛ تحديد وتنظيم الاحكام والاجراءات المتعلقة بتاسيس الاحزاب السياسية وانشطتها.
   ثانيا؛ تحقيق مبدا التعددية السياسية والحزبية القائمة على الشرعية الدستورية.
   ثالثا؛ ضمان حرية المواطنين في تاسيس الاحزاب والانضمام اليها.
   وكل هذه النقاط اشارة واضحة الى عدم دستورية الحياة الحزبية الحالية في العراق.
   كما انه مؤشر على جواز الطعن بالتعددية السياسية الحالية، فضلا عن الاشارة الى الانتهاك الصارخ الذي تتعرض له الحقوق المدنية للمواطن والتي كفلها الدستور العراقي.
   وعلى الرغم من اننا نسمع اليوم عن محاولات من قبل مجلس النواب لمناقشة هذه المسودة لتشريعها في اقرب فرصة ممكنة، الا ان الانباء التي تتسرب من اروقة المجلس تشير الى ان متنفذين في بعض الكتل البرلمانية وزعماء الاحزاب الحاكمة لا ترغب بتمرير القانون وهي تبذل قصارى جهدها من اجل عرقلة تمريره في مجلس النواب، واعادة ركنه على الرف حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.
   والسبب واضح جدا، لان المسودة تتحدث في بعض موادها القانونية عن وجوب اشهار الحزب، اي حزب يتاسس بناء على هذا القانون، عن مصادر تمويله للراي العام، وهذا ما تخشاه جل الاحزاب الحالية، التي تمولها دول واجهزة مخابرات، اقليمية ودولية، فيما تمول بعض هذه الاحزاب نفسها من ميزانية الدولة العراقية، اي من قوت الشعب العراقي وحقوقه المالية على بلاده، فيما تمول بعض هذه الاحزاب نفسها من العمليات الارهابية وعمليات الخطف والقتل والاغتيال والابتزاز وغير ذلك.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر فان المسودة تتحدث عن شروط محددة لتاسيس حزب، قد تربك عمل الاحزاب الحالية اذا ما تم تشريعها.
   فمن الواضح فان الاحزاب الموجودة الان على الساحة، خاصة تلك التي تتقاسم السلطة، تقوم اما على اساس ديني او مذهبي او اثني، ما يعني انها احزاب (غير وطنية) اي لا تعتمد معيار (المواطنة) كشرط للانتماء الى صفوفها، وانما تعتمد معايير مثل الدين او المذهب او الاثنية وبعضها المناطقية وغير ذلك، فيما تنص المادة الثامنة في الفصل الثالث من المسودة على عدم تعارض مبادئ الحزب او اهدافه او برامجه في ممارسة نشاطه مع:
   *احكام الدستور.
   *مبادئ حقوق الانسان.
   *مبدا الوحدة الوطنية.
   *مبدا التداول السلمي للسلطة.
   ومن الواضح فان اعتماد اية معايير للانتماء الحزبي غير معيار (المواطنة) يعد انتهاكا لكل هذه الاسس القانونية.
   لذللك، فانا اعتقد جازما بان هذا القانون سوف لن يمر في مجلس النواب الا بعملية قيصرية اتمنى ان لا تاتي على الام وربما على وليدها.
   في هذا الاطار، ادعو منظمات المجتمع المدني واصحاب الاقلام الحرة من كتاب واعلاميين وباحثين ومفكرين، وكذلك المرجعيات الدينية والسياسية، المستقلة تحديدا، الى اطلاق حملة واسعة للضغط على السياسيين، وتحديدا على مجلس النواب، للاسراع في تشريع هذا القانون، والا فان العملية السياسية ستظل ناقصة الشرعية دستوريا، وان اية انتخابات نيابية قادمة لا تعتمد على قانون للاحزاب ستكون انتخابات ناقصة الشرعية، وغير مجدية، لا في عملية التغيير المرتقبة والمامولة، ولا في عملية بناء الدولة الجديدة.
   اما بالنسبة الى القانون الثاني، فكلنا يعرف دقة الظروف التي كتب فيها، يوم كانت الكتل الحزبية الكبيرة تسعى للحفاظ على امتيازاتها من عملية احتكار السلطة، ولقد غض كثيرون الطرف عن ذلك ظنا منهم بان هذه الكتل ستكون قادرة على حل مشاكلها فيما بينها من اجل الصالح العام بمرور الزمن، وبما يضمن تحقيق حياة حرة وكريمة ومرفهة للمواطن العراقي، ليتبين فيما بعد بان القانون الذي فصلته هذه الكتل على مقاساتها، تحول الى عقبة كاداء في طريق تحقيق ابسط اهداف المواطن العراقي، ومنها تحقيق مبدا تكافؤ الفرص.
   ان القانون الحالي كرس المحاصصة باسوأ صورها والتي فقست كل هذا الكم الهائل من المواقع السيادية ليس لتحقيق متطلبات الحاجة الفعلية، ابدا، وانما لتحقيق التراضي الحزبي، ما اثقل كاهل ميزانية الدولة اموالا طائلة ليس من ورائها اية نتيجة او منافع، سوى ترضية هذا الطرف الاقليمي والدولي او ذاك الطرف السياسي، والا بالله عليكم، اذا كان منصب رئيس الجمهورية في الدستور العراقي تشريفيا اكثر من كونه فعليا، فما فائدة نوابه الذين تريد بعض الاطراف السياسية تعديل قانون نواب الرئيس ليكونوا اربعة بدل الثلاثة الذين نص عليهم القانون بعد ان كانوا اثنان فقط؟.
   وما معنى ان تتالف الحكومة من اربع واربعين حقيبة، ليس من بينها لحد الان وزراء ابرز هذه الحقائب، الا وهي الوزارات الامنية؟.
   تاسيسا على ذلك، ينبغي على مجلس النواب العراقي ان يعيد النظر فورا بقانون الانتخابات الحالي بما يضمن فتح الطريق امام عملية التغيير الحقيقية المرجوة للعملية السياسية، عبر كسر احتكار السلطة من قبل مجموعة الاحزاب الحاكمة، لنقضي بذلك على المحاصصة والتوافق والفيتو، من خلال تضمين القانون كل ما يحقق المبادئ التالية:
   اولا؛ صوت واحد لمواطن واحد.
   ثانيا؛ عدم نقل الاصوات من والى القوائم بالمطلق.
   ثالثا: تقسيم العراق الى عدد من الدوائر الانتخابية يساوي عدد مقاعد مجلس النواب.
   رابعا: اعتماد نظام القائمة المفتوحة بالكامل، من دون اية التباسات، من خلال اسقاط نظام القاسم الانتخابي، واعتماد اكثرية اصوات الناخبين فقط كمعيار للفوز بالمقعد النيابي.
   في هذا الصدد، كذلك، ادعو منظمات المجتمع المدني، والمرجعيات الدينية خاصة، التي كان لها الدور المفصلي في اجراء بعض التغييرات على القانون االحالي بنسخته الاولى، الى ممارسة الضغط على مجلس النواب وعلى قادة الكتل البرلمانية والسياسية من اجل اجراء التعديل المطلوب على قانون الانتخابات، والا فان اية دعوة لانتخابات نيابية مبكرة سوف لن تكون اكثر من محاولة جديدة للضحك على الذقون.
   ان قانون الانتخابات الحالي ينتهك عدد من المواد الدستورية المتعلقة بحقوق المواطن، فهو من جانب ينتهك المادة (16) التي تنص على ان (تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك) فالقانون يحمل المرشح الذي يحصل على عدد اصابع اليد من اصوات الناخبين الى مجلس النواب، فيما يحرم المرشح الذي يحصل على آلاف الاصوات من تبؤ مقعده تحت قبة البرلمان وذلك بسبب عملية النقل والانتقال بين الاصوات.
   كما انه ينتهك المادة (20) من الدستور والتي تنص على ان (للمواطنين رجالا ونساءا، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوقهم السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) فالقانون الحالي يتصرف بصوت الناخب بالضد من ارادته، كما انه يحرم المواطن من حق الترشح في الانتخابات اذا لم ينتم الى احدى القوائم الكبيرة، لضمان نسبة فوز معقولة، ما يعني ان القانون يسلب ارادته الفعلية.
   كما ان القانون ينتهك المادة (37) اولا: الف؛ والتي تنص على ان (حرية الانسان وكرامته مصونة) عندما يصوت الناخب على مرشح ما ثم يتبين له بان صوته قد انتقل بفعل القانون الى مرشح آخر، ما يعني ان حريته غير مصونة، وبالتالي فان كرامته غير مصونة هي الاخرى، فكما هو معلوم فان الانسان انما يتمتع بحريته ويصون كرامته عندما يشعر بان الدولة امينة على صوته الانتخابي وليس عندما يعلم بانها نقلت صوته من مرشح لآخر.
   ان القانون الحالي الذي انتج المحاصصة ومبدا التراضي وما يسمى بالشراكة الوطنية، حرم العراق من حكومة الاغلبية السياسية، بعد ان الغى المعارضة تحت قبة البرلمان، وكل ذلك ادى الى شل البرلمان عن تادية واجبه الرقابي على السلطة التنفيذية، كما انه شل البرلمان عن تادية واجبه التشريعي بشكل دقيق لان محصلة جهده التشريعي اصبحت اليوم تساوي صفرا، بسبب صراع الارادات الذي لا ينتهي.  
   1 مايس (أيار) 2011
مع الشكر والتقدير سلفا

Sunday, March 20, 2011


البحرين وما أدراك ما البحرين!!!
2011-20-03
في خضم الثورات التي قامت بها شعوب المنطقة العربية تنادي وتناضل بل وأحيانا تستجدي بعض من حقوقها التي هضمتها دايناصورات الحكام (من آل الجحش أجلكم الله في سوريا وقذاف الدم ولابارك الله فيه حسني و اللآصالح في اليمن وأقلهم تيس العابدين) فهرب البعض من هؤلاء الطغاة وتنازل الآخر والطريق مستمرة لتمهيد الهروب للبقية تحت ضغوط الشعوب التي تقارع السلطات أما بالسلاح مثل طاغية ليبيا أو بالطرق السلمية للحصول على بعض المطالب بدون عنف وأخص بذلك البحرين.
قامت الدنيا الإعلامية سواء عربية أو أجنبية ولم تقعد ليلا ونهارا وهي تبث صور الأحداث في تونس ومصر وليبيا واليمن ولكن الهوامش تبقى لأشقائنا العرب البحارنة!!!
في هذه الأوقات التي تشتد فيها مقارعة السلطة في البحرين للثوار صارت تأتيني الكثير من التعليقات والرسائل الأكترونية حول الموضوع وصارت تتناقض مع بعضها البعض . صرت أرى قريبي أو صديقي الشيعي غالبا ما يرسلون لي صور مجازر ومقاتل الشعب ويتعاطفون معه والآخرين وأكثره من السنة يرسلون لي صور مظاهرات ترفع أعلام إيرانية وصور الخميني أو خامنئي وأخرى تنادي بإصلاحات وثالثة بسقوط حكم آل خليفة وتزيد عليها فيديوات صراخ نسوة يتراكضن في بناية ورابعة لأجانب أسيويون مجروحين وغيرها من الإثباتات التي يرمون تبعتها على الروافض أو الإيرانيين (الفرس المجوس) الذين يريدون سلب تربتنا العربية في البحرين. ومن ذلك ما هو أدناه:
آخر التطورات في البحرين + مقاطع فيديو وصور خطيرة لاجرام الرافضة فيها  
وهنا يجب أن أكعد أعوج وأحجي عدل:
متى كان الشعب الأعزل يحارب الحكومة من أجل المساواة وحرية التعبير وحق الدراسة في الكليات والعمل في كافة دوائر الدولة يقارع الحكام بصدور عارية هو المجرم الذي يريد تسليم نفسه وبلاده للفرس؟؟ سواء كان في العراق أم في البحرين أو الحوثيون في اليمن وأخيرا في أرض الجزيرة الشرقية؟؟؟
الحكومات التي ترد على شعوبها ليس بالرصاص المطاطي بل بالقذائف العسكرية والدبابات والرشاشات التي صدأت من عدم إستعمالها ضد أعداء العروبة في فلسطين!!!! هذه الحكومات هي المسكينة التي تريد أن تدافع عن العروبة ضد الساسانيين المجوس من إحتلال أرضنا وذلك عن طريق ذبح شعوبنا؟؟؟
هل المطلوب من الواحد منا أن يضيع بين أهله هؤلاء وأصحابه هؤلاء؟؟
الحكومة البحرينية المسكينة مبتلية بشوية روافض شايلين سلاح أبيض ومكانيس وعيدان ومعلنين الثورة ويريدون يقتلون آل خليف السنَّة المساكين الذين يحكمون البلد بكل أمان وسلام. ما هذا الكلام الفاضي!!
أليس الملك الذي كان عنده مدير أمن أسكتلندي مطلوب في محكمة لاهاي لتعذيبه أهل البحرين!!!! هو سبب حقد شعب البحرين (الشيعة الروافض) على الحكام السنة المساكين!!!
والظاهر بأن الروافض الثوار يقتلون الباكستانيين والبنغاليين الشوارع كونهم يحملون سلاح ويشتغلون في قوات الأمن السرية مع الحكومة والجمعيات السلفية وتريد أن تظهرهم تارة كخدام منازل يتمشون في دوار اللؤلؤة وتخرجهم في صور كأنهم ابناء البحرين وكلهم مع الحكومة المسكينة ويدافعون عنها وهم يحملون العلم البحريني!!! ويتباكون عليهم في المستشفيات ويداوون جروحهم.
لو كان ثوار مصر او تونس او ليبيا بيهم كم نفر شيعي ورافضي لكان حصلنا على صور مجازر على صفحات الإنترنت (على الأقل تصويرية) .
أن أكون مع المظلوم لا يعني أنا أنتمي لحزبه أو طائفته.
أنا أدافع عن السنة في ليبيا وأكتب عن المظلومين السنة في مصر وكذلك في اليمن وكل مكان في العالم ولكن عندما أبعث شئ عن مساكين البحرين يغتاظ البعض من أهلي وأحبائي لأنني أدافع عن الروافض و يطلع الروافض أبناء كلب ويعتدون على الحكومات التي تطلب الدعم من الأخوان السلفيين والسنة  بجيوش جرارة لحماية مَن؟؟؟ مِنْ مَن؟؟؟ لحماية الحكومة السنية من الشعب الرافضي الذي ينادي سلمية ليحظى بحقوق مدنية في ظل ملكية دستورية!!!
أعزائي شاهدوا الفضائيات ووسائل الإنترنت وستجدون وتشاهدون بأم أعينكم من يعتدي على من ؟؟ ومن يحمل السلاح على من؟؟؟ ومن يقتل من؟؟ وبعد ذلك حكموا عقولكم واعلموا كيف نربط هذه الصورة بتلك الحادثة...
الشعوب حين تصرخ من أجل الحرية والخبز والعيش الكريم والمساواة لا لون لها ولا ترتبط بدين أو حزب وعندما تنتفض فهي لا تريد الإرتباط بدولة أخرى أو لتقارع وتموت في سبيل دولة أخرى بل من أجل نفسها وطموحاتها فقط. فالبحريني مثل المصري والتونسي والأردني والعراقي والليبي ليس رافضيا كما يعتقد البعض وليس صليبيا كما في لبنان وليس علويا كما في سوريا وزيديا أو حوثيا في اليمن أو سنيا في باقي الدول.
هيا يا أخوتي وأخواتي وأبنائي وبناتي لنسموا على هذه التسميات العنصرية ونتذكر دين الإسلام الذي يقول خيركم عند الله أتقاكم ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى وغيرها من دلائل المساواة بين البشر على إختلاف مللهم وألوانهم. فلا تكونوا مع حكومة ظالمة ضد شعب محكوم مظلوم بسبب معتقداته مهما إختلفتم معها. فالليبي المجروح لا يختلف عن اليمني أو البحريني المجروح وكذلك الشهداء الذين يقارعون السلطان الجائر ويستشهدون دونها فمثواهم الجنة إن شاء الله الذي سوف يلبسهم لباس اهل الجنة الموحد لا سنية ولا شيعية ولا مسيحية أو إسلامية أو غيرها.


Saturday, March 5, 2011

لنقف صفا واحدا وننسى جراحنا وأحقادنا


2003.05.09

نَعَم أَقْبَل الإحتلال الأمريكي للعراق الحبيب. أقبل بهذا الإحتلال على مضض وأبتلعه بمرارة مع غصة وإلى حين يختفي الطاعون البعثي الأسود إلى الأبد وينجلي الغبار العاصف القادم من الغرب ولكن!!!!

هل أقبل بتدويل العراق تمهيدا لخداع شعبه ليقبل بالتقسيم على حساب الأمة المنكوبة. كلا ثم كلا وثكلتني أمي إن فعلت ذلك.
 هل يتم التقسيم والتدويل من خلال هذه التسميات لتضفي الشرعية على التقسيمات الإدارية وتنصب لها خيمة الشرعية الدولية أو الأمم المتحدة لتضللها لأعوام كثيرة قادمة.
أيها العراقيون الذين لم يستطع أي محتل أن يقسم بلادكم قبل الآن كونوا على يقضة وحذر أثناء تعاملكم مع المحتلين. إستعملوا كل وسائل الديمقراطية المتاحة وغيرها وحاربوهم بذكاء العقول أولا وإن لم ينفع فهنالك وسائل أخرى تستطيع أن تذكرهم بالماضي القريب في فيتنام و لبنان والصومال وهذه كفيلة بإبعادهم عنا. يجب تذكيرهم بكل الوسائل السلمية المتاحة بأن أرض العراق الخصبة المضيافة تستطيع أن تنقلب في لحظات القهر وبسرعة إلى أرض الجَدَب والأشواك تحت أقدام المحتلين وينقلب نعيمهم بأموال النفط وأحلامهم بحكم العراق إلى دم و بؤس وكوابيس وخوف من الأشواك وما أكثرها في أرضنا الطيبة خاصة عندما تُستَعرَض الحبال وتشاهد فضائيات الغرب جثث الجنود المحتلين الممزقة وهي تسحب على أرض العراق الطاهرة لتثأر للشعب العراقي وليذهب المحتل الأمريكي وأعوانه ومن معهم من خونة إلى جهنم وبئس المصير ليبحثوا عن مغامرة أخرى في العالم ليثبتوا رجولتهم للشعوب المستضعفة.

حكاية الديدان
لي صديق عزيز كان بعثيا أيام زمان , قال لي قبل أعوام بأن أرض السواد التي كانت مليئة بالحقول المثمرة الطيبة الأكل, هيمن عليها من قلب ترابها وأخرج الدود من باطنها وأعطاها قوة أكل الثمار الطيبة بشراهة لمدة خمسة وثلاثين عاما وهل من مزيد.
وهاهي الديدان التي خرجت لتخرب الأخضر واليابس تعود إلى مخابئها في مكانها الطبيعي وهيهات أن ننسى وننبش الأرض مرة أخرى أو ينبشها من يدعي العروبة والإشتراكية والوحدة والشعارات الخاوية بعد أن فرغ محتوى هذه العبارات من خلال أفعال قوى الطاعون البعثي.
أما أنتم ياأهلي وأصدقائي البعثيين (الشرفاء) فقد آن الأوان أن تجلسوا كما كنتم لخمسة وثلاثين عاما مضت وأنتم ساكتون مع طاغيتكم واتركوا غيركم من أبناء العراق الأذكياء والنبلاء لإصلاح ما أفسدتموه باستخراجكم الدود من باطن الأرض. ولا وألف لا, لكم مهما كانت أسباب سكوتكم على طاغيتكم التي جلبتموها وخدمتموها وأكلتم واستفدتم من خيرات البلد بغير وجه حق وكأنها إرث المنبوشة العوجة. آن الأوان لأن تسترجعوا أموال الشعب التي أكلتم خلال 35 عاما لسكوتكم على ديدانكم فقد سجلتم أسوأ صفحة لكم في تأريخ العراق بل ففقتم بول بوت باختياركم الدود ليحكم ويتحكم في  مصائركم وهيهات العود إلى الصفح.

بدأ مرحلة البناء

لديكم الآن أبناء شعبنا المنكوب إرثٌ كبير وسئ. لقد تركت آفة الديدان أرضا خاوية إلا انها غنية بتربتها العريقة, التي مرت بها مئات بل آلآف المرات مثل تلك الآفات واستطاعت أن تنهض من كبواتها مُحَصَّنَةً وأقوى ولتبرهن على أصالتها على مر الأزمان والعصور فهي أرض و منبع الحضارات بحق. كانت الحاجة كبيرة لبناء العراق والآن أصبحت الحاجة أكبر فها هو عراقنا الدامي ينزف ويلعق جراحه من جراء حكم الديدان الطغاة والمحتلين فقد آن الأوان لبناء لبنة طيبة في أرضنا لتنبت نبعا طيبا لمستقبل أمتنا ولو تحت ظلال حراب الإحتلال وعلى مضض كما أسلفت لأن أمهاتنا يدعوننا وأولادنا يطالبوننا بالدواء والماء والحياة الكريمة. لنقف صفا واحدا وننسى جراحنا وأحقادنا إلى أن تـُقبَر الديدان وتموت لنتخلص منها إلى الأبد ولتتعافى أمهاتنا وليشبع أولادنا ولنستطيع مقارعة الأمم والمحتلين بأساليب حضارية تمحي عار الديدان الذي لحق بأمتنا ونستعيد أمجادنا ونساهم في بناء الإنسانية والحضارة العالمية بشكل يبعد عنها الويلات والإحتلال ولنا في ألمانيا واليابان مثال يدعونا للإقتداء. إن المنافسة شديدة بين المرتزقة القادمين من أطراف الغابات للحصول على فتات من بقايا الغنائم ونحن أولى بها من الغرباء لذا يجب علينا اقتناص الفرص بذكاء والإتحاد لخلق جبهات بناء مضادة ولنستطيع منافسة الطامعين الأجانب للحصول على أفضل فرص للعمل معا لبناء عراقنا الحبيب.

الرفق بالحيوان أم الإنسان أم الأحياء جميعا


الرفق بالحيوان أم الإنسان أم الأحياء جميعا

مقال كتبته في 2001.10.13

أثناء تصفحي في الإنترنيت عن أحد المواضيع فإذا بجيسيكا تبرز لي على صفحة الMSN  وبعد تبادل التحيات التقليدية أشارت لى على عنوان الصفحة التي تقوم بتصميمها وتعبئة البيانات فيها (رعاية القطط والحيوانات). جيسيكا سويدية الأصل ومتزوجة من أحد أقربائي في لندن وتقتني قطة في بيتها . لم أتعجب أو أتذمر لمعرفتي بولع الفرد الأوربي والغربي بالحيوانات الأليفة ومراقبة المخلوقات البرية بعد أن أشبعته الأموال التي جلبتها له حكوماته من مخلفات عصر الإستعمار وكيف نسي هذا الإنسان إخوانه بني آدم الذين يكافحون في أفقر أصقاع العالم في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا بل وحتى أمريكا الشمالية وأستراليا (الشعوب الأصلية). إن الإنسان لاينسى ولكن يمكن التأثير على ذاكرته من خلال السيطرة على المرئيات و الكتب المقروءة والمسموعة و بواسطة أساليب لفت النظر, تجنبت وحسب إمكانياتها ومقدرتها عرض معانات البشر ومعاناتهم وأسبابها ليتجنب الفرد بالتالي البحث في أسبابها التي يرجع بالأساس لإستغلال البشر لأخوانهم البشر سواء في بلدانهم أو على الأكثر في بلدان أجنبية وبعيدة أقل تطورا. بذلك تتجنب هذه الدول المتقدمة إعتراضات وتأثيرات رد الفعل الديمقراطي المتاح لدى شعوبها وحتى لاتتفاعل وتهدم بالتالى المؤسسات الحاكمة في بلدانها التي تساهم بشكل فعال في إستغلال الشعوب وتجويعها, ليس بالضرورة عن وعي كامل بل عن طمع وجشع رأسمالي (للمادة) أو إشتراكي أو شيوعي (للقوة والسيطرة) .
لقد أرسل الله عز وجل الأنبياء والرسل للبشر للنصح وجذب إنتباه البشر لأعمال الخير لبعضهم البعض وتـنظيم العلاقات بين البشر والأجناس وكذلك بينهم وبين المخلوقات الأخرى التي تشاركنا الحياة على هذه الأرض الطيبة المعطاة .
بالرجوع إلى القرآن الكريم نجد أمثلة واضحة وصريحة للكثير من هذه العلاقات وتحديد تنظيماتها. وأعتقد بأن كتب الأديان السماوية الأخرى  تبحث أيضا في نفس الأمور.
وبقيت نفس الإنسان على مر الأزمان والعصور تميل تارة إلى فعل الخير وأخرى عديدة إلى فعل الشرور لأرضاء مطامعه سواء مع بني جنسه من البشر أو الأحياء الأخرى. وإذا شحت ألإمكانيات والثروات لدى الغرباء إنقلب الإنسان نحو أهله وأخوته الأغنياء ليسلبهم حرياتهم وثرواتهم أو حياتهم حسدا وطمعا في الغنى والسيطرة والقوة. وتكون مصادر القوة مالية وعقلية و عضليه كل حسب قابليات الطامع. وكلما تعقدت العلاقات والمجتمع وارتفعت ثقافته تعقدت وتطورت أشكال الإستغلال و مراكز القوة.
قد يحاول البعض منا نحن أهل الشرق إنتقاد الأوربيين وألأمريكيين لكثرة إهتماماتهم بالحيوانات والنباتات ومحاولة الغربي حماية الحيوان والنبات من جشع الإنسان وإنتشرت الجمعيات والأحزاب الخضر لمحاربة الجشع الرأسمالي في عرض البحار ووسط الغابات, لتأثرالفرد بما آل اليه  بني الإنسان من جلدته أو أوطانه للحيف من جراء التعسف والحتلال ونهب الخيرات بدون حساب وإستعمار الشعوب والتأثير على عقائدهم .
وقد كُنْتُ أحد هولاء الى وقت قريب.
أما الآن فإنني أعيد النظر بالأمر كون الإنسان هو الكائن المستغل لكافة أنواع الأحياء على هذا الكوكب فيجب عليه أحترام الحيوانات والنباتات وتنميتها وعدم العبث بخيراتها وإبعاد الجشع عنه والإحتفاظ به للأجيال القادمه, وبذلك نكون جمعية واحدة لحماية الأرض وما عليها من إنسان وحيوان ونبات وخيرات طبيعية من شرور الجشع والطمع الإنساني.
لم لا نعود إلى قوانين الله وحب الخير ونبذ أساليب القوة والقوانين الوضعية التي تخدم مصالح البعض وتغبن مصلحة الأرض وما عليها. أما من يرعى السير بقوانين الله؟ هل هم المرتزقة من رجال الدين ولدينا أمثلة كثيرة عن تناحرهم من أجل السيطرة على أفكار العالم وبالتالي تخريبه وتعريضه للحروب وما أسطع مثال سوى الحروب الصليبية وما يجري من صراع الآن بين من يدعى المسيحية والبوذية ومن يدعي الإسلام الأصولي السلفي الذي يمكن أن يقود إلى المزيد من التفرقة والإستعباد الفكري والفعلى للثروات.
وهكذا توجه الرأسماليون ومصاصي دماء الشعوب ومن لف لفهم إلى حكومات لاتزال تسري في شرايينها الدماء العنصرية المشبعة بطمع الإثراء على حساب الشعوب الفقيرة وخيراتها الطبيعية, (في الوقت التي تملي قوانينها الحَضر على شركاتها وشعوبها لمنع مثل هذا الإستغلال في أوطانها),  وتوجهوا لإحتلال أراضي جديدة وقمع شعوب أخرى تحاول العيش بطرقها الخاصة بها.
إن ما يحصل في فلسطين وأفغانستان وأمريكا والفلبين و الهند وفي كل مناطق العالم الملتهبة إنما يحصل بسبب جشع الإنسان للسيطرة وإستغلال العالم والآخرون للدفاع عما يعتقدون ملكهم والثاني مغصوب الإرادة والمال والثالث إنتهازي بين الإثنين يتعجل سقوط أحدهما جريحا أو قتيلا ليستولي على ما بقي منه ويمتص دماءه ويذكرني ذلك بمشاهد الثعالب وأبن آوى والضباع وهي تتكالب على الضحايا التي يصيدها الأسود والفهود في براري سرنجيتي في أفريقيا.
العودة الحقيقية إلى الله هو الحل الأمثل لتسير الحياة على كوكبنا في الإتجاه الصحيح. المحبة والأخوة وإحترام الهبات الإلهية هو الحل الحيد للنجاة من هدم هذا الكوكب الجميل.
نعم نحتاج إلى جمعيات لحماية الإنسان والحيوان والنبات والثروات الطبيعية كل على حد سواء ولنمنع إستغلال الأرض والبشر والأحياء كلها بصورة تتناسب مع تعاليم الأديان كلها والتي كلها تنادي بالخير لكل ما هو على الأرض وفي السماوات أيضا.
لننهض جميعا مع إختلاف ألواننا وأشكالنا وعقائدنا لوقف الكارثة ونقف ضد إرهاب الجماعات والدول وإرهاب ألأديان وإرهاب رأس المال وتجار الحروب. لنوقف هذه الحروب الهوجاء ومن يطالب بها من متسلطين ولنضع حلول منطقية لكل المخلوقات على هذه الأرض بعيدا عن منطق القوة والإستغلال الجشع.
 وإذا لم نحترم أهل الأرض فهل سنحترم مخلوقاتها الأخرى أو خيراتها؟؟؟ لاأعتقد ذلك.
هنالك أسئلة مهمة مطروحة وتحتاج إلى أجوبة آنية وسريعة:
·         هل يؤدي إرهاب الدول الغنية وابتزازها للآخرين إلى إرهاب معاكس؟
·         أليس الإرهاب المعاكس هو خطف الطائرات وقتل الأبرياء وإرهاب التهديد بإستخدام الأسلحة الكيميائية(الأنثراكس) أو النووية؟
·         ماذا بعد إنتصار القوى الإستعمارية الحديثة وخاصة الأنكلوسكسونية؟ وهل ستأمن شعوبها المترفة والمتعطشة للمزيد, خاصة بغياب الأخلاق والمثل الدينية التي تحترم الآخرين.
·         أين المصير؟ هل هو صراع الحضارات القادم؟ أم نهاية التأريخ وبدأ عبودية الدولة في عصر المعلوماتية؟
·         هل الرجوع إلى المنطق العلماني وصراع الأيدولوجيات البشرية هو الحل؟
أخيرا أعتقد إن العودة إلى الآدمية وتحكيم العقول هو ما ينبغي التفكير به الآن للوصول إلى حلول لمشاكل الأرض و مستقبل زاهر للكون المحيط بنا. 

Friday, March 4, 2011

وطن حر وشعب سعيد


2006.04.02
وطن حر وشعب سعيد
كنت أقلب في صفحات دفتر المذكرات بحثا عن معلومات كتبتها في السابق فوقعت عيني على مسودة مقال كنت بدأت كتابته في السادس من نيسان 2003. أي قبل سقوط بغداد بأيام قلائل. وأنقلها كما كُتبت في المسودة:

مازال القلب ينبض بنفس القوة ولكن بوتيرة متسارعة مع مرور الأحداث على عجل في الوقت الذي تتنازعه غريزتان واحدة تبكي على فراق الوطن وما فعل فيه ابن العوجة وكيف أصبح ترابه المقدس مدنسا بأمثاله ومن استأجره من أوغاد الغرب واختلط العلجان ببعضهم البعض ولتصارعا على كعكته النفطية الممزوجة بتراب العراق الغالي ودماء الأبرياء على أصوات المدافع وهدير الدبابات الذي يقطع الأوصال والحشى ويدعوا الناس للجهاد والنضال والقتال والموت في سبيل الوطن و من أجل العراق  لا للعلوج.
أما الغريزة الثانية فتملأ القلوب فرحاً وأملاً للغد الذي قد يكون مشرقاً ولو قليلاً لإحتلال الأنكلوسكسون لبلادنا.
غادرت العراق قبل واحد وأربعون عاما لأهرب من القدر المجهول بحثا عن السعادة في مكان آخر من الدنيا وها أنذا أفكر وبكل قوة للرجوع إلى المجهول لأكمل المشوار في بناء عراقي الحبيب وأساهم في ازدهاره. هربت وأنا أحمل شعار وطن حر وشعب سعيد وها انا ذا أريد الرجوع لوطن ٍ لم يصبح حراً أبداً وشعبٍ لم يرَ طعمَ السعادة بعد.
ياربي عسى أن ترجع البسمة إلى شفاه ابناء وطني كله
أقول فرحةً ولكنها تقطّـِّع القلب . يصعب علي التفكير في أن أرى وأن أتصور شرطي المرور في الكرادة أمريكيا !!!!
ورئيس المخفر في اليرموك إنكليزيا!!!
ومدير الطابو في البصرة أستراليا!!!
هاهم يشتركون في فض نزاعات ابناء الوطن حول من يسير أولا ومن يقطع الطريق ثانيا ومن يملك الأرض والنفط والمياه وووو.. رابعا ً وخامسا ً.
هل هي عودة لعشرينيات القرن الماضي عندما حكمنا علوج الإنكليز الأنكلوسكسون أم الأربعينيات عندما حكـَّم الإنكليز الأميرعبد الإله ونوري باشا وأعوانهم علينا؟؟؟؟
أم إننا سنفكر بعقل أكبر من عقول تتصارع على السلطة وبنكران ذات كبير لبناء لبنة صالحة في عراق جديد ينموا كما في ألمانيا بعد هتلر واليابان بعد الهزيمة أم نبكي على مجد أضعناه بأيدي ابناء العوجة ومن لف لفهم وبإنتظار وطن حر وشعب سعيد لواحد وأربعين عاما أخرى.
إنتهت المسودة وكأنني كنت أتنبأ بما كان قد حصل خلال الثلاث اعوام مضت !!!
أين الوطن الحر؟؟؟ أين الشعب السعيد؟؟؟
فلا وطن حر ولا شعب سعيد بوجود الأمريكان والأنكلوسكسون.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد بوجود بقايا البعث والذين يدعون القومية العربية ومن شاكلهم.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد بوجود شراذم العرب التكفيريين والسلفيين ومن لف لفهم.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود متصارعين على السلطة لا يخدمون الوطن بنكران ذات.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود سنة وشيعة وأكراد وعرب وغيرهم وهروب أغلب العراقيون المخلصون.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود مفخخات ومَقاتل تُـنظم وتَنفجر بأوجه أمي وأخواتي وأبناء عمومتي وأهلي في كل أطراف العراق.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود جيران ينوون الشر لبلدي ولا أستطيع طردهم أو ردعهم عن ذلك وأحمي حدودي.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود مخابئ لمجرمين في بلادي.
فلا وطن حر ولا شعب سعيد لوجود أوكار لخطف البشر وكتم أنفاسهم ورميهم على قارعة الطرق.
متى يعود وطني حرا وشعبي سعيداً؟؟
أتمنى أن يكون ذلك قريبا...وأتذكر قول أبي كلما توعد من يطغى...
إن موعدهم الصبح ... أليس الصبح بقريب؟؟؟؟
 ياألله ياقريب الفرج.

حلاقة الظهاري


حلاقة الظهاري في 2006.03.05
كان الوقت ظهراً لا يتناسب مع الحلاقة وحينها كنت مارا ً في منطقة السطوة في دبي عندما قررت الحلاقة وقص شعر رأسي الذي بدا غير مرتب.
وكالعادة مررت على دكانين أو ثلاثة علـّني أجد, أحدا من الحلاقين في ذلك الظهر الحار (وهم كثر في السطوة) فاضي وغير مشغول. وبينما كنت أنظر من النوافذ العريضة والفترينات وإذا بي أشاهد أحد الحلاقين وكان بحدود العشرينات من العمر ذو شعر أسود يلمع من كثرة الدهون المحشية بين طيات خصل شعره المرتبة واحدة واحدة, وكأنها تتحدى الريح والحر, على أن يتلاعب بها. رحب بي الرجل عندما ولجت الباب ودخلت الصالون. كان معتنيا كثيرا بنظام خصل شعره المرتبة بأناقة وكأنها ملف كهربائي قد ضُرب بآلة حادة جعلته يتناثر بانتظام في كافة النواحي كأنه أحد تماثيل صرعات الوايرات الأمريكية,  نظر إلي بريبة يعلم الله ما وراءها وكأنه يقول لنفسه ماذا يريد هذا الرجل من الحلاق ودكان الحلاقة؟
كنت قد حلقت ذقني صباح اليوم ولم يتبين إن هنالك حاجة لحلاقتها, كما كافأني الله برأس حليقة على الدوام قلما تحتاج لمقص الحلاق. إرتميت على الكرسي وأومأت له إلى رأسي إيماءة خفيفة تدل على الطلب.
وكأنما ضربت الحلاق على رأسه, سألني باستغراب.  حلاقة؟
واجبته بنعم  فرد السؤال وبنفس السرعة, حلاقة للرأس ؟؟
أجبته بنعم!!! وبدأت علائم الإستغراب عليه وهو يتساءل كيف وكم ؟
فأخبرته بأن يطبق كل ما تعلمه من حرفة الحلاقة التي يعرفها على هذا الرأس العتيد!!
أخذ يبحث عن مقص أو ماكينة يمكن أن تتناسب مع الموجود من الشعيرات القليلة العدد أصلا, ولا أعلم كيف توصل إلى مشط كبير ومقص صغير وأخذ يطقطق بهما وهو يتنقل من شعيرة إلى أخرى وأنا اقول له بين الحين والآخر ... وهذه وتلك وهنا....وهناك .... إلخ.
أخيرا أعلن وبكل فخر عن قص حوالي سنتيمتر من الشعيرات المتناثرة وبقيت الأريلات على الصلعة وهو يخاف ويتراجف منها وكذلك من شعيرات الذقن والشارب!!!
وأخيرا أخذت منه المقص وبدأت اجتز الكثير من الشعر من الذقن والقليل من الناتئات على الصلعة حتى تشجع وبدا وكأنه عنترة الهندي الذي عثر على سر الشجاعة في القص وأخذ الماكينة الكهربائية وعمل اللازم وتلقى النفحة المعهودة (داس ريال) عشرة دراهم, وأنا ألعن اليوم الذي جاء بي إلى هذا الدكان وذلك الشاب الهندي الخائف من الصلعة وصاحبها.
 وإلى لقاء في قَصَّة ثانية وقـُصص أ ُخرى.

عودة للتعليق حول موضوع الشروگ وأصلهم وفصلهم


عودة للتعليق حول موضوع الشروگ وأصلهم وفصلهم
 وردتني منذ سنوات بعض الكتابات التي تنتقص بطريقة عنصرية ودونية بعض من فئات شعبنا العراقي العريق وأحببت أن اوضح تأريخيا بعض من هذه الحقائق من خلال قرائتي وإطلاعي على تأريخ شعبنا وأعيد ما كتبت في عام 2008 لأرد على بعض المتخرصين عن الشروگ  والمعدان وأرجوا أن يكون نافعا.
مع التقدير.

معنى كلمة ال شروگ: يردد بعض من الناس هذه الكلمة العنصرية وهم لا يعلمون أصولها وتأريخها. ورأيت من الملائم ان أخوض في الموضوع واكتب على قدر معرفتي وأحاول التوضيح فقط لمن لا يعرف اصول هذه الكلمة ومعناها العنصري خاصة من جيل السبعينات من القرن الماضي والجيل الجديد الذي تربى في الخارج أو حسبما أراد له الحكام الطغاة البعثفاشيين المقبورين.
تطلق هذه التسمية العنصرية شروگ على قسم من العراقيين الذين كانوا يقطنون أو استوطنوا شرقي بغداد في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينيات اي أواسط القرن العشرين. سكن هؤلاء المساكين المعدمين في الناحية الشرقية من سدة ناظم باشا الغير محمية من أخطار الفيضان في ضواحي بغداد الشرقية. وكانت تدعى هذه المنطقة في الخمسينيات بمنطقة (خلف السدة) والمقصود بها نفس السدة الشرقية التي تحمي بغداد من الفيضان والتي بنيت في عهد الحاكم العثماني المملوك ناظم باشا.
كان سكان بغداد غرب السدة, كانوا من الأمراء والوزراء (سميت منطقة غرب السدة بالوزيرية, وهي محلة أنشئت على أرض زراعية واسعة تملَّكها بعض ولاة المماليك في بغداد في أوائل القرن التاسع عشر كانوا يلقبون بالوزراء. والوزيرهي رتبة عثمانية تسند الى كبار الموظفين وبخاصة الولاة في الولايات المهمة فنسبت اليهم.), وهؤلاء السكان الأغنياء غرب السدة أُطلقوا لقب الشروقيين (وباللهجة العامية العراقية الشروگ) على قاطني المناطق خلف السدة قاطبة, لكونهم من طبقة تدانيهم في المكانة الإجتماعية.
المعروف لدى أهل بغداد أن سكان خلف السدة جاءوا من جنوب وشرق بغداد وكانوا من فقراء العامة الهاربين من نير الإقطاع والظلم الإقطاعي والإجتماعي في القرى والأرياف ويتكلمون (بطريقة الوسط وجنوب العراق) بلغة تغلب عليها العامية العراقية الجنوبية المشبعة بالمصطلحات الفلاحية وكانوا في الغالب يدينون بالمذهب الجعفري بعكس سكان منطقة الوزيرية من الوجهاء كانوا يمثلون الطبقة الحاكمة وغالبيتهم من المذهب السني (وعاظ السلاطين)  لذلك فقد اصبحت التسمية (الشروگ) تطلق على كل فرد يتحدث بلغة اهل الجنوب ولايتحدث باللهجة البغدادية تنزيلا لمقامه وكان ذلك من نصيب سكان خلف السدة أولاً ثم عمم على ابناء الوسط والجنوب وبالأخص سكنة العمارة ومعدان الأهوار وأحيانا أهالي البصرة.
سمعت أول مرة بإسم الشروگ عندما أرسلني والدي إلى بغداد في العام الدراسي 1956-1957 وكنت اسكن في بيت خالتي في راغبة خاتون القريبة من منطقة خلف السدة ولم اكن زرت المنطقة في ذلك الوقت بسبب تخويف الأهل لنا وترهيبهم, لتجنب المنطقة ولكن عندما انتقل الوالد للسكن في بغداد اوائل العام 1958 قمت بزيارة منطقة خلف السدة وقابلت القوم (الشروگ) وتعرفت عن كثب على أحوالهم وكما سأذكر لاحقا.
لم نكن نسمع بالشروگ إطلاقاً في أي مكان من العراق قبلا فالإسم كان جديدا على العراقيين ومحصورا في أهالي بغداد الغنية والسنية.
كان أهلنا الأغنياء يحذروننا من الذهاب إلى مناطق (الشروگ) خلف السدة ويهولون لنا الأمور بأكثر من ذلك فهولاء (الهمج والمصاليخ) يخطفون الأولاد والبنات ويفعلوا بهم كذا وكذا من الهوايل والمصايب.
وأتذكر بأن سيدة فاضلة من أهل خلف السدة عملت لدينا بعد أن تربَّت في أحد بيوت العائلة وعندما كبرت وتزوجت, اشترت ارضا في أطراف الوزيرية ( وللأسف كان البعض من أقربائي يدعونها بالشرگاوية ) وكانت هذه المرأة تربي بضعة بقرات تقتات هي وعائلتها من بيع ألبانها وأجبانها للمعارف من سكان الوزيرية وكمب راغبة خاتون.
أخذتني زهرة, هذه السيدة في أحد الأيام إلى خلف السدة ورأيتني كأنني ذاهب إلى عالم آخر يختلف كليا عن مناطق بغداد فالدروب ملئى بالحفر وملتوية وغير مبلطة وتشقها السواقي الطينية المخلوطة بالمياه الملوثة والسيان وتحيطها وتملؤها اكوام المخلفات الآدمية التي تصدرروائح كريهة تخنق الأنفاس ومن حولها اكواخ القصب الباريات والطين والسعف والشينكو والصفائح المعدنية والأطفال نصف عرايا ينظرون بتكاسل لنا وتغطيهم سحب من الذباب تزيد الموقف رهبة.
ذهبنا نحن مجموعة من الصبية من اولاد الأغنياء واولاد زهرة وهي تقود إحدى بقراتها للبحث عن ذكر (ثور معروف وقوي للتلقيح) من بيت إلى بيت وهي تسأل. وأخيرا وجدت الثور المناسب في احد البيوت الطينية المترامية عشوائيا وبدون أي تخطيط  أو شوارع عبرنا نحوه خلال أزقة ضيقة تكاد البقرة لا تتعداها إلا بصعوبة بالغة. وكانت هذه الأزقة معروفة بأسماء ساكنيها فقط.
كانت هذه هي التجربة الأولى والأخيرة لي في منطقة خلف السدة.
ولا أعرف هل علم أهلي بذلك ام لا؟؟؟ وما كان سيكون رد فعلهم؟؟؟
كانت الصرايف والمساكن الفقيرة في الأزقة تشابه كمب (Camp) الفلح في البصرة الذي كان يأوي مساكن عمال وحمالي الميناء آنذاك 1953- 1958 ( المصاليخ ) ولم يكن الأهل ليمنعونا من إرتياده والدراسة والتذاكر مع زملائنا في المدرسة من أهل الصرايف في كمب الفلح, تارة عندهم في الأكواخ وتارة في قصور (دور) موظفي الموانئ حيث كان بيتنا. ولم يكن أهل البصرة او وجهاء بغداد يسمونهم بأي تسمية عنصرية سوى (كولية وحماميل ومصاليخ) و الفلح اوالفقراء المساكين.
ثورة 14 تموز وسكان خلف السدة
جاءت ثورة الضباط الأحرار بمفاهيم جديدة وقضت على حكم المتسلطين من الأغنياء العنصريين وسرعان ما دبت بين الضباط الخلافات وانتصرت جماعة الزعيم عبد الكريم قاسم على العروبيين والمستعربين من امثال عارف العربنجي ورفعت سري التركماني وغيرهم من القومجية وتأججت نار الحقد ( الطائفي والعروبي والرأسمالي والملكي والإستعماري وأذنابهم ) على عبد الكريم قاسم العراقي ( القادم من الصويرة من شرقي بغداد ) الغير طائفي ولا متحزب و ينحدر من عائلة فلاحية متوسطة من الصويرة في وسط العراق والتي لم تكن تعرف تلك المنطقة المختلطة التفرقة الطائفية او العنصرية.
بدأ الزعيم عبد الكريم قاسم واقطاب حكمه يعطون فقراء بغداد والمعدمين منهم ( من سكان خلف السدة ) بعض من الحقوق الوطنية التي كانت مسلوبة بالكامل. وصارت الحكومة توزع الدور المشيدة حديثا عليهم وتنشئ لهم المدارس وتمد لهم الشوارع في الوقت الذي كان هؤلاء المعدمون يسكنون في اوضع المناطق وأحقر المنازل خلف السدة.
وأتذكر شيلة كان يرددها البعض من هؤلاء عندما ارادت امانة العاصمة ان تقطع طريقا مستقيما في المنطقة فكانت تهدم بعض البيوت التي تعرقل مسار الطريق, كان هؤلاء المساكين يرددون أمام وزارة الدفاع ( إحنا نزامط بيك وانت تشيِّلنا؟؟؟ ) بمعنى نحن نعلي شأنك وانت ترحلنا عن بيوتنا ويقصدون بذلك الزعيم قاسم.
لذلك صارت البيوت تبنى من قبل الأمانة وتوزع قبل هدم الصرائف التي كانت تسكن من جديد بنازح آخر يطالب بدار قبل هدم هذه والمفارقات كثيرة والحلفان وشهود الزور أكثر.
أما الذين كانوا يدعون هؤلاء الفقراء بالشروگ منذ زمن ويستخدمونهم في احقر المهن ويحرمونهم وأولادهم من التعليم  فقد أصابهم الحقد والحسد خاصة وهم النخبة من المجتمعات الغنية وقسم كبير من اهالي بغداد الغربية التي يسكنها السنة على الغالب (والمتحدرين من شمال وغرب بغداد-  من التكارتة والدوريين والفلوجيين تجار الحبوب مع الفلاحين الهاربين من ديارهم مثل المقبور ابن العوجة ومن لف لفهم لأسباب او بغيرها ), فانصب جام حقد هؤلاء القوم من العهد الملكي مع الأغنياء والعنصريون, على عبد الكريم قاسم وساعدوا القومجية والبعثيين ورجال الدين, من اللونين المتشيع والمتسنن, في القضاء على حكم الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم.
ظل الناس في مدينة الثورة يدعون لعبد الكريم لما حققه لهم من مآثر إلى ان جاء من ظلمات العوجة, وبغفلة من الشعب, مع الحزب البعثفاشي واحتل العراق ونكب أهله وامعن في إذلال الذين لم يخدموا النظام وأوغل في إبتكار التسميات العنصرية ونعتهم بالمعدان والشروگ من باب الإذلال والحط من قدرهم.
وبنفس الطريقة أذل أصحاب الحزب المقبور(من التكارتة وأهل العوجة ) قسم من اقطاب حزب البعث المشؤوم والمتحدرين من الوسط والجنوب, كما حصل مع سيئ الصيت ناظم گزار (الشروگي - علما بأنه كان من أهل السماوة في لواء المنتفق) والآخر زعيمهم الذي كان يؤجر القتلة ( فؤاد الركابي ) والذي قتله من استؤجر لقتل عبد الكريم قاسم. وقتله ( ابن العوجة المأفون ) شر قتلة بأن أنكحه احد الغلمان في السجن إمعانا في الإذلال به وبعشيرته وتنكيلا بالفراتيين الأوسطين.راجع قرارات محاكم النظام السابق في مقتل فؤاد الركابي.
كذلك جرى مع اقطاب المرجعية الشيعية (الحكيم) التي ساندت البعث, بسبب إصدار قاسم لقانون الأحوال المدنية لإنصاف النساء, ونعت الزعيم قاسم والصق به تهمة الشيوعية وما أبعده عنها.
وإنقلب البعثيون بسرعة, كما جرت العادة, على من ساعدهم في القضاء على نظام الجمهورية القاسمية وبعدها بفترة قصيرة جرى تقصيص الحزبيين والعسكريين واصحاب العمائم وخاصة الشيعة منهم ومن استطاع الوقوف بجانب الحق على الباطل, وجرت عمليات تصفية شاملة وكان الفاعل والمتهم غير معروف لدى النظام, مثل محاولة قتل البارزاني او قتل الصدرين والمئات من حزب الدعوة وعشرات من  القومجية والقوميين العرب وآلاف الشيوعيين وبعض البعثيين مثل حردان التكريتي (راجع مذكرات حردان).
النظام البعثفاشي  ودوره في ترسيخ كلمة الشروگ
وظف  النظام البعثي احسن اقلامه من حاملي الدكتوراه ليقلبوا التأريخ والجغرافيا ويغيروا من تأريخ العراق وثورة العشرين وماضي الأقوام العراقية الأصيلة التي كانت تسكن سواد العراق ويسدوا الأنهر ويهجروا الناس ووصموا اهل الأهوار السومريي الأصل بالهنود الذين جلبوا الجاموس معهم تارة وتارة أخرى بالغجر او الهندوس العرايا, وكأن أجداد ابناء العوجة لم يكونوا لا من عرايا تكريت ولا من عرق يهودي ولا هم يربون الجواميس قبلا ولم يكن هؤلاء البؤساء من ابناء العوجة سوى النخبة من اهل العراق؟؟؟!!!
تفاديا من ان توصم هذه الفئة البعثفاشية بالعنصرية فقد حورت النعرة في مراحل لاحقة واصبح  العنصريون يرددون بأن أصل الشروگ هم من المعدان. واصدر العهد البعثفاشي عدة كتب وأبحاث من قبل شلـَّة من الدكاترة المتزلفين والخائفين على ارواحهم من السلطة وطغيانها وتسند أقاويل ابن العوجة (كما جرى من تمثيلية ايجاد شجرة عائلة الرئيس العفن وانتماءها –حاشى الله- إلى بيت الرسول الأعظم).
هكذا تم تحريف التأريخ ووصم المعدان بالشروگ و بالقوم النازحين من الهند مع الجواميس وأسسوا لنظريات أخرى تقول بأن عراقيوا سومر كانوا من الغجر وجاءوا من الشرق إلى آخره من الترهات, بعكس كل الدلائل الثابتة وخاصة الأحفورات السومرية والبابلية والآشورية التي يشاهد فيها صور العامة وهم بلباس البحر (السروال فقط) يقودون قطعان الجاموس منذ آلاف السنين (فأين ذهب بصر وبصيرة ازلام النظام من يدعي بأن هؤلاء من الهنود وأين صارت شهاداتهم الدكتورية المفخمة).
كلمة الشروگ هي كلمة عنصرية بحتة, خاصة وان لا أحد من اهل الجنوب والوسط يستطيع ان يأتي بمثل هذه الكلمة أو مرادفاتها لا في الاشعار او الدارميات او المواويل أو وجود أي كلمة تدل على هذه التسمية ( الشروگ ) مع العلم بأن هذه الأقوام في الجنوب لا تستحي من كلمة حق, وقد حوربوا من أجل كلمة الحق ردحا طويلا.
ثورة الفقراء الذين سماهم التأريخ المحرف بالزنج
نجح فقراء البصرة ومعدميهم من العرب والأجانب المستعبدين في البصرة بالثورة على أغنياءهم وامتدت هذه الثورة لتحرق الأخضر واليابس ويهرب أنصار الحكومة العباسية الأغنياء إلى شواطئ البصرة الحالية ويغتصبوا املاك المستضعفين (شيعة في الغالب) وأصبحوا هم الملَّاكة ( مالكي الأطيان وغابات النخيل) وأصبح الطرف الآخر المغلوب عبيد الأرض الفلاحين من عامة المتشيعين وبعض من طائفة السنة.
كان الثوار يتقاتلون في كر وفر مع قوات الحكومة المركزية في بغداد ولخمسة أعوام إلى ان حاصرت السلطة العباسية الثوار في منطقة ابو الخصيب (عاصمتهم) وهدمتها بالمجانيق وقتلوا الثوارعن بكرة أبيهم وهدمت المدينة المسورة بالكامل وسميت هذه الثورة ( بثورة الزنج ) ظلما, وانتهت لتخلف حقدا دفينا بين مناصري السلطة من الملاك والثوار الفقراء والفلاحين. (راجع تأريخ ثورة الزنج ). وكانت الأهوار تسمى في العصر العباسي بالبطيحة وأهلها معروفون في العراق وكيفية مساندتهم للثوار وخروجهم من الأهوار وهجومهم على الحكام العباسيين ووصولهم إلى الفرات الأوسط ثم انهزامهم واندحار ثورة الفقراء في تلك الأيام.
( للعلم بأن قائد الثوار كان يدعى محمد وينحدر من السلالة العلوية- راجع ثورة الزنج)
 وقد أعاد التأريخ نفسه وبنفس الطريقة صار الحاكم البغدادي أو المدعي يسمي ابن الجنوب بالشروكي والمعيدي للإذلال!!!! لأنه بسيط في كلامه وملبسه وكلامه الخالي من الديباجات الحضرية ويحب الحق ويناصر ويأوي المظلوم خوفا من الحاكم الظالم عموما.
ليث رؤف حسن